اكتشاف أكبر مرصد مصري قديم
في اكتشاف أثري مثير، كشفت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، عما يعتقد أنه أول وأكبر مرصد فلكي يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد. يقع هذا الاكتشاف في معبد بوتو بمنطقة تل الفراعين بمحافظة كفر الشيخ، ويلقي ضوءًا جديدًا على فهم المصريين القدماء المتطور لعلم الفلك وضبط الوقت.
ويعد المرصد، المبني من الطوب اللبن، بمثابة شهادة على المعرفة العلمية المتقدمة التي يمتلكها المصريون القدماء، وخاصة في قدرتهم على تتبع الحركات السماوية وقياس الوقت.
المرصد الفلكي بمعبد بوتو بمنطقة تل الفراعين بمحافظة كفر الشيخ. (وزارة السياحة والآثار)
بنية ووظيفة المرصد
ويعد المرصد المكتشف حديثا أعجوبة معمارية، وهو مصمم لرصد وتسجيل حركات الشمس والنجوم.
وفقًا لتقرير وزارة السياحة والآثار، يتكون المبنى، الذي يمتد على مساحة 850 مترًا مربعًا (9149 قدمًا مربعًا)، من مجموعة مستقيمة ومنتظمة من بلاط الحجر الجيري، مع خمس كتل مستوية من الحجر الجيري مرتبة في مزيج رأسي وأفقي. التوجهات. ومن المحتمل أن تكون هذه قد استخدمت لتتبع ميل الشمس ومراقبة حركتها طوال اليوم. يتميز تصميم المرصد بمدخل جانبي مواجه للشرق لالتقاط شروق الشمس، وقاعة مركزية ذات أعمدة مفتوحة على شكل حرف L، محاطة بجدار كبير من الطوب اللبن مائل إلى الداخل.
ومن بين الاكتشافات الهامة داخل المرصد مزولة حجرية مائلة، تُعرف أيضًا باسم ساعة الظل المائلة. ويعد هذا الجهاز من الأدوات الأساسية التي استخدمها المصريون القدماء لقياس الوقت، مما يبرز براعتهم في قياس الوقت على الرغم من بساطة الأدوات المتاحة لهم. وتؤكد الساعة الشمسية، إلى جانب أدوات القياس الأخرى المكتشفة في الموقع، قدرة المصريين القدماء على تحديد التقويم الشمسي وتحديد التواريخ المهمة، مثل الاحتفالات الدينية والسنة الزراعية.
تم الكشف عن مجموعة مذهلة من القطع الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
الكشف عن السياق الثقافي الغني للمرصد
وكشفت البعثة الأثرية أيضًا عن العديد من القطع الأثرية التي تقدم رؤى أعمق للممارسات الدينية والثقافية المرتبطة بالمرصد. وعثر داخل المرصد على تمثال من الجرانيت الرمادي من عصر واه إب رع فرعون الأسرة السادسة والعشرين. هذا التمثال، العائد للكاهن بسماتيك سمان، يصور الإله أوزوريس ويحمل عنوان الختم الملكي، مما يرمز إلى مكانة الكاهن الرفيعة والأهمية الدينية للمرصد.
وبالإضافة إلى التمثال، كشفت الحفائر عن تمثال برونزي لأوزوريس مع ثعبان، وتمثال من الطين، وقلادة للإلهة فينوس مينيت. وتعكس هذه القطع الأثرية، إلى جانب مجموعة من العناصر الفخارية المستخدمة في الطقوس الدينية، دور المرصد ليس فقط في المساعي العلمية ولكن أيضًا في الحياة الروحية والطقوسية للمصريين القدماء.
تم استخراج الأختام والسيراميك من الموقع. وزارة السياحة والآثار
كما تم ربط المرصد بقياس التغيرات الموسمية. وتمثل النقوش الموجودة على منصة حجرية تم اكتشافها في قاعة دائرية داخل المرصد مناظر فلكية لشروق الشمس وغروبها عبر فصول السنة الثلاثة. تشير هذه النقوش، بالإضافة إلى رموز مثل “تشن” و”سنت” و”بينو”، التي تتعلق بالوقت وعلم الفلك، إلى أن المرصد لعب دورًا حاسمًا في الجهود التي بذلها المصريون القدماء لفهم ومزامنة تقويمهم مع الدورات السماوية. .
مزيد من الاكتشافات من موقع معبد بوتو. (وزارة السياحة والآثار)
الآثار المترتبة على فهم علم الفلك المصري القديم
ويعد اكتشاف هذا المرصد مساهمة كبيرة في فهمنا لعلم الفلك والممارسات العلمية المصرية القديمة. ويشتهر قدماء المصريين بإنجازاتهم في مختلف المجالات، بما في ذلك الهندسة المعمارية والطب والرياضيات، وهذا الاكتشاف يعزز مكانتهم كرواد في دراسة الكون. ويسلط التصميم المتطور للمرصد ودقة الأدوات المستخدمة الضوء على المستوى المتقدم للمعرفة الذي كان موجودًا في مصر قبل فترة طويلة من العصر اليوناني الروماني.
وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، على أهمية هذا الاكتشاف في توضيح براعة المصريين القدماء في علم الفلك. إن قدرة المرصد على تتبع التقويم الشمسي وتحديد التواريخ المهمة للوظائف الدينية ووظائف الدولة توضح التطبيقات العملية لمعارفهم الفلكية في الحياة اليومية.
فصل جديد في علم الآثار المصرية
يمثل الكشف عن أول وأكبر مرصد فلكي من القرن السادس قبل الميلاد في كفر الشيخ إنجازا هائلا في علم الآثار المصرية. ولا يسلط هذا الاكتشاف الضوء على القدرات العلمية المتقدمة للمصريين القدماء فحسب، بل يثري أيضًا فهمنا لممارساتهم الثقافية والدينية. ومع استمرار أعمال التنقيب وإجراء المزيد من الدراسات، يستعد هذا الموقع للكشف عن المزيد عن العالم المتطور لعلم الفلك المصري القديم ودوره الأساسي في حياة واحدة من أروع الحضارات التاريخية.
الصورة العليا: المرصد الفلكي بمعبد بوتو بمنطقة تل الفراعين بمحافظة كفر الشيخ المصدر: وزارة السياحة والآثار
بقلم غاري مانرز