منوعات

التأريخ بالأشعة السينية يخلق المزيد من الإثارة حول كفن تورينو


يستمر لغز كفن تورينو؛ قطعة من القماش جعلت العلماء والمؤرخين والمؤمنين يخدشون رؤوسهم لعدة قرون. في الآونة الأخيرة، قرر فريق من الباحثين الإيطاليين إثارة القدر من خلال إلقاء نظرة أخرى على هذه الآثار القديمة، والتي يدعي البعض أنها كفن دفن يسوع المسيح نفسه. وقد أضافت أبحاثهم المزيد من الوقود إلى النار، زاعمين أن قطعة الكتان هذه يبلغ عمرها في الواقع 2000 عام، ويعود تاريخها إلى زمن يسوع.

النتائج التي توصلوا إليها، نشرت في المجلة إرث في عام 2022، لا يؤكد ما إذا كان هذا هو كفن دفن يسوع، لكنه يشير إلى أن عمره يمكن أن يتماشى مع العصر الذي عاش فيه على الأرض.

كفن تورينو: ملوث بسجلات التاريخ

لقد كان كفن تورينو موضوعًا لتدقيق مكثف على مر العصور، وبينما تجرأ بعض الباحثين على الادعاء بأنه قد يكون أصليًا، إلا أن الإجماع العلمي لا يزال يميل نحو كونه من صنع العصور الوسطى، ومن المحتمل أنه تزوير ذكي. حتى في عام 1389، كان أسقف تروا، بيير دارسيس، متأكدًا تمامًا من أنها مزيفة، بل وادعى أنه يعرف الفنان الذي يقف وراءها!

تنبع معظم الشكوك من دراسة محورية للتأريخ بالكربون المشع أجريت في أواخر الثمانينيات. وقد ربطت نتائج تلك الدراسة أصل الكفن في مكان ما بين 1260 م و1390 م، في الوقت الذي ظهر فيه أول ظهور موثق له في فرنسا خلال خمسينيات القرن الرابع عشر.

الاستنتاج؟ لم يكن الكفن قطعة قماش دفن يسوع، بل قطعة أثرية من العصور الوسطى، ربما تم صنعها لتعزيز الإيمان أو التدفق النقدي. ومع ذلك، ليس الجميع مقتنعين بهذه النتائج. يجادل البعض، مثل مؤلفي هذه الدراسة، بأن تلك الاختبارات ربما كانت معيبة بسبب التلوث. ولكن، تحذير من الحرق: حتى نظرية التلوث واجهت بعض التقارير نيوزويك.

الأشعة السينية على القماش القديم

الدراسة، التي قادها ليبيراتو دي كارو من معهد علم البلورات الإيطالي، استخدمت باحثين طريقة متطورة لتأريخ خيوط الكتان القديمة. أعاد المعهد إثارة النقاش حيث استخدموا تقنية تسمى تشتت الأشعة السينية واسعة الزاوية لفحص التدهور الهيكلي في عينة صغيرة من الكفن. وتخمين ماذا؟ تشير نتائجهم إلى أن قطعة القماش هذه قد يعود تاريخها فعليًا إلى الفترة من 55 إلى 74 ميلاديًا، وهو ما، إذا كان هذا صحيحًا، فسيجعل عمرها حوالي 2000 عام!

تظهر نتائج تشتت الأشعة السينية واسعة الزاوية أن عمر جزء الكفن يبلغ حوالي 2000 عام. (دي كارو، إل، وآخرون 2024/إرث)

الصيد؟ هذه النتائج لا تصمد إلا إذا تم الاحتفاظ بالكفن في ظروف شبه مثالية لمدة 13 قرنا من تاريخه المجهول، ثم سبعة قرون أخرى في أوروبا. نحن نتحدث عن درجات حرارة ثابتة تبلغ حوالي 68-72.5 درجة فهرنهايت ورطوبة نسبية تتراوح بين 55-75 بالمائة. هذا طلب ضخم!

وبما أن هذه النتائج لا تتفق مع التأريخ السابق بالكربون المشع، فإن الباحثين أنفسهم يعترفون بأن هناك حاجة إلى المزيد من العمل. إنهم يطالبون بإجراء تحقيق أكثر شمولاً ومنهجية بالأشعة السينية لعينات إضافية من الكفن للوصول إلى الحقيقة. لذا، في حين أن هذه الدراسة تضيف تطورًا مثيرًا للحكاية، فمن الواضح أن لغز كفن تورينو لن يتم حله بعد.

الطول الكامل لكفن تورينو. ولا يستطيع العلماء والدارسات حل لغز الكفن. (المجال العام)

ما هو كفن تورينو؟

كفن تورينو عبارة عن قطعة قماش من الكتان تحمل صورة رجل يبدو أنه قد صُلب، ويعتقد الكثيرون على نطاق واسع أنه كفن دفن يسوع الناصري. وفقا للكتاب المقدس، بعد صلب يسوع على يد الرومان، تم لف جسده بكفن من الكتان ووضعه في قبر قدمه يوسف الرامي.

يبلغ طول الكفن حوالي 14 قدمًا (14 مترًا) وعرضه 3.5 قدمًا (مترًا واحدًا)، ويتميز بصورته الباهتة ذات اللون البني المحمر، والتي يبدو أنها تُظهر تفاصيل وجه الرجل وجسده، بما في ذلك الجروح المتوافقة مع الصلب. تم وضع الكفن في كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان في تورينو بإيطاليا منذ القرن السادس عشر، بعد أن سافر عبر مواقع مختلفة في أوروبا.

ومع ذلك، يشكك بعض الباحثين في هذه النتائج، بحجة أن وجود الملوثات أو تعرض الكفن للنار والإصلاحات ربما أدى إلى تحريف النتائج. تشير دراسات أخرى، بما في ذلك تحليل حبوب اللقاح وفحوصات الطب الشرعي، إلى وجود صلة بزمن يسوع، على الرغم من أن هذه الادعاءات لا تزال مثيرة للجدل داخل المجتمع العلمي، وفقًا للتقارير. ديلي ميل.

ولا تزال الصورة الموجودة على الكفن لغزًا، مع وجود فرضيات مختلفة حول تكوينها. يقترح البعض أنه نتج عن تفاعل كيميائي يشمل جسد يسوع، بينما يرى آخرون أنه ربما تم إنشاؤه من خلال الفن أو تقنيات التصوير الفوتوغرافي، وهو ما استبعده العديد من العلماء. يتم تضخيم أهمية الكفن بشكل أكبر من خلال مكانته كأثر في التقليد المسيحي، حيث يجذب ملايين الحجاج والسياح إلى تورينو كل عام.

الصورة العليا: كفن تورينو: صورة حديثة مُعالجة رقميًّا للوجه على القماش. المصدر: ديانلوس جورجوديس/سي سي بي-سا 3.0

بقلم ساهر باندي



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى